الظاهرة.. محطات بدأت بالفقر وانتهت بالنجومية
سلام على من رسم الابتسامة على محيا العيون قبل أن ترسم الابتسامة ذاتها على شفاه العاشقين، رونالدو نازاريو داليما قمر أضاء السماء العالمية بأداء جعل من باقي النجوم يخفت بريقها عند بزوغه، صُنّف في وقته بشيء ليس له مثيل، لتتوالى السنوات ومع مرورها يتضح وبوتيرة عالية أن هذا الشيء هو إبداعٌ قلّ نظيره وتألقٌ يترفع له قبعات لا ترفع إلا لجمال مميز.
البرازيل هي المنشأ وكعادتها هي مصنع لإنتاج لاعبين أصحاب جودة عالية وسحرة يجعلوا من كرة القدم متعة لكل من يشاهدها أزمان تتوالى ويظل العنوان واحداً نجوم تضئ الملاعب العالمية منشأها من أمريكا الجنوبية وأيقونة دولها السيلساو، إضافة إلى راقصي التانغو تنافسٌ كبير وأسماء كتبت أجمل الصفحات في تاريخ الجلد المدور، هذه هي أعراف كرة القدم كما عهدها عشاقها إلى أن جاء استثناء ليس بين الدولتين فقط بل يشمل جميع القارات، مهاجم كتب أروع الأسطر التي جعلت من المقارنة لمن يأتي بعده، شيء في غاية الصعوبة.
هولندا كانت البوابة الاحترافية الأولى للظاهرة بعد قدومه من كروزيو البرازيلي ارتدى ألوان بي اس في آيندهوفن، لتبدأ معها حكاية كتبت سطورها بحبر ذهبي، ونقشت أحداثها على أسوار تاريخ كرة القدم بجمل لا يكد قارئها أن ينبهر من إحداها حتى تأتي أخرى تنسيه أولاها، لتكتمل الصورة في ختامها على جمالية جمعت بين سرعة ومهارة وتوهج بشكل متكامل تسعد عيون مشاهديها سواء أكان عاشقا أم خصما. سنتان برصيد خمس وأربعين هدفاً من أصل سبع وخمسين مواجهة، كانت كافية لشد عيون أعرق أندية القارة العجوز إلى الجوهرة البرازيلية، ض لتكون محطة بلوغرانا هي التالية بموسم وحيد وبمعدل تهديفي عالي جدا بسبع وأربعين إصابة في تسع وأربعين نزال.
مونديال اليابان وكوريا الجنوبية 2002 كان المبتغى توهج فيه رونالدو بشكل لم يدع للغير أي مجال للمواجهة، ثمانية أهدافٍ كاملة وقعها الظاهرة على شباك ضحاياه |
جنة كرة القدم شدت إليها شغف البرازيلي ليكون انتر ميلان صاحب السعادة، بتوقيع داليما مع قطب ميلانو الأزرق والذي نسج معه خيوط التألق والتي تخطى إبداعها أسوار البيت الميلاني ووصل صداها إلى مسامع جميع أقطاب الأرض، تألق منقطع النظير وعيون شدّت أنظارها إلى جمال ما يرسم الظاهرة بقدميه، جمال توقف فجأة بصرخة أبكت الخصوم قبل المحبين في لقاء إنتر وليتشي 1999 سقط رونالدو ومعه سقطت دموع كل من يعشق كرة القدم في مشهد ظلّ خالداً في سجلات التاريخ الرياضي كأكثر المشاهد الرياضية حزناً. سقوط كان يعني النهاية في أعين الكثير من المحيطين بالنجم البرازيلي ولكن عزيمة رونالدو كانت أقوى بطموح غذّته الإرادة لتحقيق الأفضل دائماً، ليعود بعد فترة توقف طويلة من بوابة النادي الملكي والذي واصل معه نازاريو داليما رسم الفرحة على محيا عاشقيه ويعود من بعيد رغم كلِّ الصعوبات.
مسيرته مع الأندية الأوروبية تواصلت بعد توقيعه مع عدو الأمس وصديق اليوم اس ميلان توقيع انتقده البعض وكان رد مؤيدي هذه الصفقة على لسان غالياني صحيح أن وزنه زائد، وثقيل في حركته لكنه يظل رونالدو. مسيرة لم تكن طويلة رفقة الديابولو لتكون العودة إلى الديار هي المحطة الأخيرة بارتدائه ألوان كورنثيانز البرازيلي، ورغم الوزن الزائد حاول صنع الفارق لكن الإصابات المتعددة حالت دون استمرار سطوع نجم البرازيلي داليما.
و لعل أروع اللحظات الظاهرة كانت مساهمته ولو من دكة البدلاء في حصد اللقب العالمي 1994، رفقة المبدعين روماريو وبيبيتو صانعا المجد الكروي آنذاك، واستمر داليما في نثر سحره رفقة السيليساو والذي وصل به إلى نهائي 1998، سقط فيه بثلاثية أمام زيدان ورفاقه، سقوط كان بداية لإعصار يجتاح به كل شيء أمامه ويترك بقايا منتخبات كانت قبل 90 دقيقة ترغب في المنافسة.
مونديال اليابان وكوريا الجنوبية 2002 كان المبتغى توهج فيه رونالدو بشكل لم يدع للغير أي مجال للمواجهة، ثمانية أهدافٍ كاملة وقعها الظاهرة على شباك ضحاياه، الأمر الذي يزيد من هول هذه الثمانية أنها جاءت من أقدامٍ كانت متوقفة عن لمس الكرة لسنة ونيّف، فكانت العودة من بوابة كأس العالم بتألق استطاع به الظاهرة تزيين سماء بلاده بألوان المونديال العالمي، وكتابة اسمه بحروف من ذهب في قلوب عاشقيه بعد التتويج بالكأس الثانية في تاريخه.
مسيرة نجح فيها رونالدو من تحقيق أغلب الألقاب، ورغم خلو خزائن الأخير من كأس الأذنين، إلا أن هذه المسيرة ستظل خالدة في سجلات التاريخ كأعظم مهاجم شهدته لعبة الجلد المدور، لتكون سنة 2011 موعداً لانطفاء شمعة لطالما أنارت قلوب محبيها وسطعت أضوائها في السماء العالمية معلنة عن توقف إبداعٍ شهد بروعته الخصوم قبل العاشقين.