فيليكس سانشيز.. صانع الإنجاز والإعجاز
من حق شعب قطر أن يفخر بمنتخبه الوطني لكرة القدم، ومن حقه أيضا أن يفخر بأهل الرياضة في الدولة عموما، والذين يسيِّرون هذا المجال برؤية مستقبلية ممتازة، باستغلال مميز للإمكانيات المادية والبشرية، وباستثمار تام لكل ما له منفعة للرياضة في الدولة حيث تولي قطر أهمية كبرى لهذا المجال، وإلى جانب باقي الرياضات تعطي قطر لكرة القدم اهتماما كبيرا جدا، هي الأن تقطف ثماره وما تتويج المنتخب القطري بالكأس الأسيوية الأخيرة للأمم سوى مثال عما كان وما سيكون، ونتاجا لعمل جبار ولبنة أساسية لما هو أهم مستقبلا.
تتويج المنتخب القطري لكرة القدم بالنسخة الأخيرة لبطولة أمم أسيا في الإمارات لم يكن ضربة حظ، أو تتويجا لمنتخب صاحب خبرة وبصولات وجولات أسيوية سابقة، أو بلاعبين مخضرمين بمشاركات قارية عدة، وغيرها أسباب عادة ما تكون سببا لتتويج المنتخبات بالمنافسات القارية الكبرى، بل كان لمنتخب شاب ونتاجا لعمل سنوات عديدة متتالية عبر الأصناف الصغرى سنوات من البناء، التخطيط والتكوين المتواصل عبر أكاديمية "أسباير" للتفوق الرياضي، والتي كشفت وساعدت في تطوير كثير الرياضيين القطريين من بينهم لاعبي كرة القدم، وأيضا باقي الأندية القطرية التي ساهمت وتساهم في احتضان وتكوين المواهب الشابة، عوامل كلها اجتمعت لتشكل لنا منتخبا قويا تسيد القارة الصفراء بجدارة وبمشوار مميز جدا، سُيِّر بطريقة ممتازة ممهدا لإنجاز عظيم بصانع عظيم أيضا، لم يكن ليتحقق من دونه، فلا إنجاز وإعجاز من دون صانع، هذا الصانع لم يكن سوى فيليكس سانشيز المدرب الاسباني للعنابي القطري.
| رفع فيليكس سانشيز المدرب الهادئ سقف الطموحات عاليا بأداء راقي جدا في الدور الأول ودون خطأ، جعل الكل بعدها يؤمن بقدرته على التتويج |
قبل ثلاثة عشر سنة لم يكن يعرف المدرب الأسباني الذي دخل عقده الثالث فقط حينها، أنه سيكون بعد حين سيدا للكرة الأسيوية قاطبة عبر بوابة قطرية، ناقلا تجربة إسبانية رائدة في مجال التكوين أخذ حيثياتها من المدرسة الكاتالونية سيدة المجال وصاحبة الباع الطويل والإنجازات العديدة في هذا المجال، استلم فيليكس سانشيز مهمة تدريب المنتخب القطري خلفا للأروغواياني خورخي فوساتي قبل سنتين بعد أن كان مدربا للمنتخب الأولمبي.
والذي استلم مهمة تدريبه بعد إنجاز أسيوي بالتتويج بكأس القارة مع منتخب تحت 19 سنة، وخاض قبله تجربة تدريبية طويلة في أكاديمية أسباير والتي أتى إليها بعد أن كان مدربا في أكاديمية برشلونة لكرة القدم، كلها تجارب تدريبية ليست بالمهمة تقريبا مقارنة بإستلام زمام الأمور في المنتخب الأول الذي سيشارك في كأس قارية بتشكيلة شابة أغلب التوقعات رشحتها لمشاركة مشرفة لا غير، ولم ترشحها للقب في ظل وجود سادة القارة والمنتخبات المتوجة سابقا وصاحبة الخبرة كاليابان، السعودية، كوريا الجنوبية، إيران وأستراليا.
رفع فيليكس سانشيز المدرب الهادئ سقف الطموحات عاليا بأداء راقي جدا في الدور الأول ودون خطأ، جعل الكل بعدها يؤمن بقدرته على التتويج، تلتها انتصارات أربع بالأداء والنتيجة كان أخرها ثلاثية في مرمى اليابان في النهائي توجته سيدا للقارة الأسيوية باقتدار، بأحسن دفاع وهجوم، أحسن حارس، أحسن ممرر، هداف الدورة وتوجته سيد المدربين أيضا.
فيليكس سانشيز عرف من أين تؤكل الكتف بقوة شخصيته التي نقلها للاعبين أيضا، ولتميزه التكتيكي وحسن تسييره وإدارته للمقابلات التي يلعبها وتفننه في تغيير الخطط حسب الحاجة، فالإسباني يلعب الدفاع كالإيطاليين ويمتع هجوميا كالإسبانيين، ويجيد اللعب والخروج بالكرات القصيرة على الطريقة الهولندية، ويجيد توظيف لاعبيه حسب الحاجة أيضا، كلها أسباب جعلته الأحسن وجعلته بطلا للقارة الأسيوية رفقة منتخب قطر، وهو ما سيكون حافزا لتقديم مستوى مشرف في بطولة كوبا أميركا القادمة، والتي ستكون قطر سانشيز ضيفة شرف عليها، تجربة تعتبر مهمة جدا قبل مونديال قطر 2022 .