العرب.. بين حلم التتويج بالمونديال وبين واقع مرير
3/12/2018سنوات عجاف ولا يكد حلم التتويج بلقب عالمي أن يتجاوز أفواه الناطقين به لتظل كل نسخة عالمية تبدأ بأحلام كبيرة في تقديم مستوى يليق بهذه الأحلام ومع مرور أولى الأدوار المونديالية يصطدم الحالمين بكابوس عنوانه يتكرر بكل نسخة عالمية، العرب أول المغادرين والمشاركة شرف يتفاخر بها الخارج من الباب الضيق على من لم تحمله قدماه يوم إلى المحفل العالمي.
كأس العالم البطولة الأسمى في كرة القدم والأكثر مشاهدة ومتابعة ليس من عشاق الجلد المدور فقط بل حتى ممن لا يكترثون بمشاهدة باقي البطولات بمختلف مسمياتها، واحد وعشرين نسخة مرت دون أن نرى أو يرى من سبقونا تتويج منتخب عربي بلقب البطولة العالمية حتى لو لمرة وفي الطرف المقابل نجد منتخبات تربعت على العرش العالمي لكرة القدم أكثر من مرة.
في عالمنا العربي وبالنظر إلى جودة اللاعبين نجد توفر عوامل المهارة والسرعة وما يسمى الخبث الكروي في اللاعب العربي ولكن بنسب متفاوتة من لاعب إلى آخر وغياب هذه العوامل عن المنظومة الكاملة للفريق ففي العديد من السنوات برز نجوم عرب رسموا أروع الصفحات في سجلات تاريخ كرة القدم محليا وكتبوا أسماءهم بأحرف من ذهب في القارة العجوز مع مختلف أنديتها، تألق لم يكن كافيا لحمل منتخباتهم إلى منصات التتويج في البطولة الأغلى والأولى من حسب الأهمية في مسابقات كرة القدم.
سلسلة امتدت إلى سنوات عدة، لم يصل فيها أي منتخب عربي إلى المربع الذهبي ناهيك عن تقلد الذهب، أرقام مخيفة ومحبطة عندما نرى 22 دولة عربية موزعة بين القارة السمراء والقارة الآسيوية، 8 منتخبات فقط شاركت في إحدى نسخ الكأس العالمية قسمت بالتساوي بالنسبة لعدد المنتخبات بين آسيا وإفريقيا مع فارق عدد المشاركات والذي يؤول لصالح عرب القارة السمراء فنجد منتخبات مصر والمغرب والجزائر وتونس كانت قد مثلت عرب إفريقيا في نسخ المونديال العالمي والعدد مثله من عرب آسيا بمنتخبات السعودية والعراق والكويت والإمارات.
سنوات تلتها سنوات ونسخ كأس العالم تتوالى والمشهد يظل ذاته العرب يذهبون بالأمنيات ولا تكد أمنياتهم تتجاوز الأدوار الأولى، إخفاقات عدة والعزاء الوحيد يكون التأهل إلى كأس العالم لوحده إنجاز |
مشاركات محتشمة ولا ترتقي إلى المستوى المأمول لمشجعي هذه المنتخبات والتي تؤكدها الأرقام يشهد عليها التاريخ، عدة عوامل تزبد من وطأة المعاناة ومنها على سبيل الذكر لا الحصر ضعف الدوريات المحلية وغياب ثقافة استمرارية الفوز وعدم ثبات الكوادر الفنية للمنتخبات عوامل اجتمعت فكانت نتائجها عدم المشاركة المستمرة في البطولة الأعرق وغياب تام للمنافسة عليها.
ولأن المال هو المحرك الرئيسي في العديد من المجالات الرياضية نجد توفر هذه الميزة عند الاتحادات العربية لكرة القدم لكن دون نتائج ملحوظة على أرض الواقع، فقدان المهنية والاحترافية في التعامل مع الأمور الخاصة بتعديل الأخطاء وإصلاحها ومحاولة تطوير المنتخبات للحصول على نتائج أفضل، بالإضافة إلى إهمال الفئات السنية سواء للفرق أو المنتخبات، سلبيات عديدة تفاقم من سوء حال منتخباتنا العربية في ظل عدم وجود خطط مستقبلية لرسم صورة تقديرية لشكل المنتخب بعد سنوات ولمحاولة تدارك أخطاء الماضي والاقتراب إلى المستويات العالمية.
أمر يبدو في غاية الصعوبة مع العقلية ذاتها في التعامل مع الأمور فلا وجود لخطط تطويرية سواء على المدى القريب أو البعيد تزيد من حدتها عشوائية في اتحادات كرة القدم وترك الأمور للصدفة، طريق يلفه الغموض مع انعدام الاستفادة من الدول المتطورة في كرة القدم، قلة المحترفين في الدوريات الكبرى نتج عنه اتساع كبير بين منتخبات النخبة وبين المنتخبات العربية، في السابق منتخبات المغرب والجزائر وبشكل أقل تونس كانت قد أدت مستويات كبيرة بكأس العالم وقدمت أداء رائع في ظل تواجد مجموعة من اللاعبين المميزين أمثال باصير وحاجي وطارق دياب ورابح ماجر والقائمة تطول لكن سرعان ما انطفأت أضواء الإبداع من بعدهم والسبب واضح للعيان إهمال في الفئات السنية وعدم اعتماد منهج متطور لمحاولة صقل مهارات النجوم الصغار والاستفادة منهم لاحقا في الملتقيات العالمية سبب يكاد يكفي لتأخر يليه قلة مشاركات وتخبط كبير.
سنوات تلتها سنوات ونسخ كأس العالم تتوالى والمشهد يظل ذاته العرب يذهبون بالأمنيات ولا تكد أمنياتهم تتجاوز الأدوار الأولى، إخفاقات عدة والعزاء الوحيد يكون التأهل إلى كأس العالم لوحده إنجاز، مع هذه العقلية هيهات أن تصل المنتخبات العربية إلى تحقيق إنجاز عالمي. مع هذه السلبيات والأرقام التي لا ترتقي إلى ما دون المتوسط يظل الأمل موجودا والوقت متاح لتدارك أخطاء الماضي وبالوقت ذاته وعلى خيوط ذات الأمل بالإمكان نسج خيوط التألق ورسم أحلام العاشقين للألوان العربية على الواقع وكتابة أمجاد تظل خالدة في سجلات التاريخ ويضل صداها يتردد في أروقة الأمجاد. 22 دولة تتحدث باللسان ذاته وتخفق القلوب لرؤية مجد عربي يروي ظمأ سنوات عجاف ويرسم فرحة على وجوه أنهكتها الإخفاقات.